بوست مستوحي من بوست للأخ العسكري عتريس
استوقفني كثير من الأشياء في هذا البوست
شعرت حقا بأهميته , أهمية تنبع من وقوع الكثيرين في هذه الحيرة
كل كلمة فيه جاءت معبرة عن واقع
لم يكن مجرد التعليق علي الموضوع كافيا
فرأيت أن أفرد له موضوعا خاصا هنا
وبعد اذن الأخ الكريم سأقوم باقتباس بعض من كلماته
عندما نتحدث عن الوسطية أو الإعتدال فإننا لا نتحدث عن قالب صلب
يقبع داخله العقل و يستمر علي نفس النمط
وانما الوسطية من وجهة نظري البسيطة جدا
هي منطقة وسط بين طرفين
قد يختلف البعض منا في اقترابه من أي من الطرفين
فالبعض قد يحاول الإحتياط لنفسه فيقترب قليلا من منطقة الإفراط
والبعض قد يقترب من منطقة التفريط بعض الشئ
"وقد يؤدي احيانا إلى قيامي ببعض التصرفات التى يراها البعض غريبه .."
أعتقد أن الأمر هكذا لأن تعريفنا لكلمة الوسطية يختلف من شخص لآخر
باختلاف الشخصيات
فغرابة الأشياء تعتمد علي كيفية رؤيتنا لها
فبعض الناس تختلف رؤيته عن البعض الآخر
فقد تكون تلك الأشياء فقط غريبة من وجهة نظر دون أخري
وبالطبع يكون هذا الإقتراب أو الإبتعاد في الأشياء المشروطة
تلك التي لم يقطع الإسلام بحلها أو حرمتها
ولكن وضع لها شروطا
كـــــ الإختلاط مثلا
الأمر أشبه بحديقة غنَّاء داخلها حفرة من النار
أطراف الحديقة تتجمد من البرد القارس الذي تجمدت معه عقول من يعيشون فيها
فتوقفت عند رأي واحد و استقرت عليه
وقلب الحديقة يغلي من حدة النار لدرجة صهرت العقول فاختلط الخطأ بالصواب
وأصبح أصحاب هذه العقول لا يستطيعون التمييز بين ماهو خطأ وما هو صواب
فتخبطوا و تاهوا
أما المنطقة الوسطي فتنعم بدفء يجعل العقول تعي و تفهم و تميز
و تؤدي الوظيفة التي خلقت من أجلها
ولكن من فيها يتدرجون حسب مدي بعدهم أو قربهم من تلك النار
"نار الفتنة"
فالبعض يبتعد عنها ليقترب من الأطراف لينأي بنفسه و يقيها حر تلك النار
و البعض اقترب لدرجة أنه علي بعد خطوة أو اثنين منها
والبعض يحوم حولها
ومن حام حول الحمم يوشك أن يقع فيها
وبالنظر الي صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم و رضي عنهم أجمعين
نجدهم كانوا يتقون تسعة أعشار الحلال خشية الوقوع في الحرام
ذلك هو الورع
ونجد المولي عز وجل يقول : "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"
تلك الخطوات التي نخطوها نحو النار
تلك الخطوات التي تجر الأقدام نحو المنطقة القريبة جدا التي تكاد تنصهر فيها العقول
المشكلة في هذه المنطقة
أن من يصلون اليها لم يفقدوا التمييز بين الحرام والحلال
فهم لازالوا يقفون عن ماحرم الله تحريما قاطعا
وانما تختلط عليهم الأمور المشروطة
فتضيع بعض الشروط وهم لازالوا مقتنعين أنهم علي صواب
لأنهم بالطبع لا يفعلون حراما
ولكنهم لا يدركون أنهم علي بعض خطوات من الفتنة
والكيس الفطن من يتق لنفسه لدينه
ويعود ليحاسب نفسه
فما من أحد منا معصوم من الوقوع في الزلل
فالكل يخطئ حتي المتقون
"وسارعوا الي مغفرة و جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحي المحسنين. والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا علي مافعلوا و هم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين"
وهنا يبقي السؤال
"هل لكى اكون في التزامى معتدلا أشدد على نفسي بعض الشيء حتى اذا افرطت انقاد الى الاعتدال وليس التقصير "
لا أعتقد أن المسمي الحقيقي هو التشديد علي النفس
وانما هو مجاهدة النفس
أعتقد أنه بسبب صعوبته تحاول النفس الهروب منه
فنقتعنا بأنه تشديد أو تشدد
أعتقد أنه احتياط
لأن مسألة الإختلاط هذه أكثر ماقد يوقع في الزلل
وأسرع الخطوات نحو الفتنة
وأكثر ماقد يشغل القلب ولو تملك منه لهلك القلب
ولكن ليس معني هذا أن نلجأ الي المنطقة الباردة ولكنها بضع خطوات نحو دفء الوسطية
المنطقة التي يستطيع فيها العقل أن يعمل و يميز
وبالطبع لن يستقرفيها الي الأبد
ولكن بعض المراقبة لله عز وجل و بعض من محاسبة النفس
ستكون كفيلة بإصلاح الأمر
هذا كله بعد الإستعانة بالله
بعض الأمور ليست حراما ولكن حين نترك أنفسنا لها قد تجرنا الي بعض الخطأ
بعض منه عند من يحاول أن يكون ملتزما
وكثير منه عند المفرط
--------------------
أول المعنيين بهذا الحديث هي أنا
لم يكن الرد موجها للأخ الكريم بقدر ماهو موجه الي كل من تشغله هذه الأمور
و يقع في حيرة و قلق
وما أًبرئ نفسي