مــــــــات أســــــــامة
غادر الدنيا غير آسف عليها ولا علي من فيها
أســـــامة مريض نفســـــي سبق وكتبت عن أنه واحد من حرس الحدود الذين يقفون علي معبر رفح
أسامة ضحيه مجتمع بأكمله
بدءا من والده ووالدته اللذين سببا له مرضه النفسي بقسوتهما عليه - قسوة بكل ما تحمل الكلمة من معني - ضرب وسب واهانة امام اصدقاءه حتي انه لم يعد لديه صديق واحد
ومرورا باخوانه المتعصبين الذين لم يدع أحدهم التزامه الي الرفق باخيه الاصغر
ونهاية بنظام ظالم وضع الفتي المسكين في غير موضعه وكلفه ما لايطيق
واستغل مرضه النفسي وصنع منه ستارات لتهاونه
عاد أســـــامة من الخدمة هاربا
وبالأمس كنت ازور جدتي مع أبي وأمي واذا بصوت والده وأخيه الأكبر يعلو عليه - كالعـــــادة
اما سبب هذا الصراخ فهو تافه حقــــــــا ولا يستدعي كل هذا
هممنا بالخروج ولكن جدتي استحلفتنا الا نخرج حتي يهدؤوا - وحتي لا نسبب اي حرج للفتي المسكين
وحينما هدأ الصوت خرجنا وكنت اسبق أبي وأمي
رأيت أسامة - لاول مرة منذ سنوات - وكان جالسا علي سلم المنزل من الخارج
ولأول مرة لا اشعر بتلك الرهبة التي كانت تنتابني حينما اراه
والقيت عليه السلام فرد بكل هدوء
وقفت امام المنزل انتظر امي وابي في طمئنينة غريبة باحثة عن ذلك الخوف في اعماق نفسي فلم لأجده
خرجت امي وألقت عليه السلام وسألته عن سبب حزنه فرد "مفيش حاجة"ـ
فأعادت سؤالها وقالت له أن ابي موجود ويمكن ان يتدخل لفض الخلاف ولكنه رفض
عادت زوجة خالي التي كانت برفقتنا واخبرت جدتي بجلوسه امام الباب وطلبت منها الخروج والتحدث اليه
وتركناهم وذهبنا
---
استيقظت اليوم صباحا لأجد أن
أســـــــــــــــامة قد رحـــــــــــــــل
وأخبرتني جدتي بحديثهما
كان يقول لها " أنا اتخنقت يا حاجة وعاوز أموت " وهي تحاول ارضائه بكل وسيلة
وهو مصر علي تمني الموت وأن لا يستطيع ان يعود الي الخدمة
ولا يريد أن يحيا داخل ذلك المنزل الذي يلقي فيه الهوان والذل من والديه واخوته بل وابناء اخوته الصغار
وتركها ورحــــــــل
لم ينقضي نصف الساعة حتي سمعت جدتي بكاء والدته وقد وقع بالشارع وهم يدخلونه المنزل
---
تقول والدته "كانت فكرة الموت لا تفارقه منذ ايام"ـ
الله أرحم به من هذا المجتمع الذي قسي عليه
وتسبب في مرضه ولم يرحم ضعفه
رحـــــــــــل اســـــــــامة
غير آسف علي أحـــــــــــــــــــد