خرج تاركا خلفه بيته ومستقبله وأحلامه ماحقق منها ومالم يحققه بعد,خرج غير عابئا بشي الا بصرخة طفل اقضت مضجعه,صرخة جوع والم وخوف, طفل لم يسمع منذ ولادته الا تلك الكلمات الثلاث التي يرددها كل من حوله وكأن قاموس الحياة من حوله قد عدم كلماته جميعا ولم يبقي الا هذه الكلمات المشؤومة,لازال يترائي له ذلك الطفل الباكي من شدة الجوع , لا زال يسمع صرخته من شدة الألم, صرخة تكاد تخلع قلبه من مكانه,يتعالي صوت الطفل فتتعالي دقات قلبه المكلوم... يري دموع أمه فيتمني لو تصل يداه اليها ليمسح عنها دموع خلفها عجزها عن اسكات صوت ابنها الذي يخنقها كلما تعالي
قرر أن يذهب الي هناك حاملا معه ما يسكت الطفل الصغير,ثم أدرك شيئا آخر,انه ليس الطفل الوحيد ومايحمله لايكفي الا طفل واحد,فخرج ليجد ما ان كان هنالك شخص قد يحمل معه ما يستطيع حمله,فخرج صارخا في الناس ,"أنقذوا طفلا يحتضر","أنقذوا طفلا يحتضر"...فلم يجبه أحد
كان الناس بين أعمي ومتعامي,بين أصم ومدع للصمم, وفي عقولهم ألف مبرر ومبرر لهذا التعامي ,أخذ ينادي فيهم فوجد فيمن حوله قلة قليلة خرجت معه تنادي في الناس,ولما خيم الصمت وأدركوا أن ليس لأصواتهم صدي ذهبوااليه,الي من يدعونه "حاكم بلدتهم"...فلم يجدوه بأحسن حال من أهل بلدته,رجوه أن يرسل اليهم ما يكفيهم فرفض و توسلوا اليه أن يفتح لهم باب البلدة حتي فلم يجب , فعلموا أنه لا فائدة منه,وتوجهوا بأنفسهم حاملين ما استطاعوا جمعه من مساعدات الي تلك البلدة المغضوب عليها ,فاستوقفتهم جحافل سوداء طلبت اليهم العودة من حيث أتوا ولما أصروا علي عدم العودة اقتادوهم الي سجونهم.
وأخذوا يتأملون حالهم!!!!, ماذا جنينا؟
هل جنينا عندماأفزعنا صراخ طفل وعويل أم واستغاثة حاج منع الفريضة ولايدري أيعيش للعام المقبل أم لا؟
ولازالوا في محبسهم يتساءلون
ولازال الطفل يصرخ جوعا والما وخوفا
ولازالت الأم تنعي ابنها في ساعة الاحتضار
ولازالت اصواتهم تلعن الظالم والصامت والاعمي والاصم
ولازال الصامت صامتا ,والأعمي أعمي ,والأصم أصم
ولازال الظالم في غيه
ولازال القلب الأسود صخرة
-----------
بئس الحاكم أنت